كنت في دمشق وشعرت بغربتي عن أهلي وغربتي في وطني فقلت هذه الأبيات
يقولون لي صبراً على ألم النــوى
فمازال يلقى النائبات غريــبُ
فقلت لهم ما الصبر إلا لجـــازع
وإني عيوف أن يقال هيــوب
وما أنا بالنائي الغريب ولا الــذي
يروع فؤادي نكبة و كـــروب
لعمرك ما لي في البسيطة موطـن
وما لي في كل الأنام قريـــب
غريب عن الأرواح لا أفهم الـورى
وإن قيل مولى واشج ونسـيـب
وما ضرني أني حللت ببلــــدة
وغادرتها كالشمس حين تغيـب
جميع بلاد الله سيان حرمــــة
لدي وما فيها إلي حبــيــب
أأعشق أرضاً خانت الناس كلهــم
وكل خؤون ساقط و جنيـــب
غريب وما الخلق الغريب بعائبي
وهل بلغ البدرَ المنيرَ معيــب
وقد كنت إن قالوا أديب وشاعــر
طربت ونفسي عندذاك تطيــب
فاصبحت إن قالوا أديب تمَزفــت
أسى كبدي حتى تكاد تـــذوب
وما قيمة الألقاب إن ما تفرقــت
لكل دعي شاعر و أديــــب
وقد كنت أهوى أن يقال مهــذب
إذا لج في الحفل الجدال ، خطيب
فأصبحت أهوى يوم أترك خامـلاً
فكل نبيهٍ في الأنام كـــذوب
وما هؤلاء الناس ؟ هل لهم حجـى
فأهتف من هذا الورى و أهيـب
ألا فليهدمني الزمان بخطبـــه
فصدري حمول للخطوب رحيب
وليس عجيباً صبر قلبي على الأسى
ولكن بقائي في الحياة عجيـب
غريب أنا عن موطني وعن الورى
وما أنا في أهل السماء غريـب
– 1935