رحم الله تلك النفس الطاهرة. كان عبد المعين الملّوحي أستاذاً لي وصديقاً ورغم فارق السن الكبير بيننا كنتُ أحسّه شابّاً أكثر من أغلب الشباب! لن أنسى وقفته أمام باب منزله يعدّ خطواتي وأنا أصعد سلّم بيته! وكنتُ أهرع إليه معاتبة بلهفة المحب:”لماذا تتعب نفسك ياأستاذي؟”كنتُ أسأله.يبتسم وهو يسلّم حاضناً يديّ ويقول ونحن نعبر البهو إلى غرفة مكتبه:”أنا احب هذا….مازلتُ شاباً في الثمانين….مارأيك؟” تطول جلستنا يحكي لي فيها عن همومه مع الناس ومع كتبه التي كانت طباعتها شغله الشاغل. كان يحكي بل يروي والإبتسامة لاتفارق ثغره! كان يحب أن يدور معي على كتبه الموجودة في غرفة جلوسه وفي غرفة الكتبة”:كما كان يسمّيها “لأن جدران الغرفة كلها مكتظّة بكتب من كل المعارف.وحين كان يلمح استغرابي_بذكائه الحاد_ يقول وهو يمشي خارج الغرفة “القراءة متعتي” ثم يصلني صوت ضحكة خفيفة”لاأخفيك في الشباب كان هنالك متع أخرى!” ويتابع ضحكته وهو يهزّ رأسه وقد كسا عينيه بريق خفيّ! لن أنسى ذلك الوجه الأبيض الذي يشعّ منه نور قلّ أن تراه إلا على وجوه “المصطفين!”
أستاذي وصديقي ستبقى في القلب والذاكرة.
“أميمة الخش”