اضاحي العيد وضحاياه

قصيدة نظمتها في 27 آب 1955 ونشرتها في مجلة “حمص” العدد 193 . عندما خرجت من بيتي في عيد الأضحى ورأيت الناس يتسابقون لشراء الأضاحي وذبحها ، ورأيت المتسولين والفقراء يملؤون الشوارع في طلب  القوت ، وتصورت الشعوب وهي عرضة للقتل والنهب . :

خرج الناس يشترون أضاحي العيد ، والعيد مأتم الأغنــــام

سرهم أن تسيل منها دماها ، كالأفاعي تنسلُّ بين الرجــــام

حسبكم حسبكم أضاحيَ شاء وانظروا تبصروا ضحايا الأنــام

انظروا تبصروا بكل سبيل دم شعب يباع كالأنعـــــــام

عاش في أرضه سليباً وأبقى ما جناه لحفنة من طغـــــام

انظروا تبصروا العروبة في المغرب ترعى بمجرم  ذي  آثـام

تتَّقي الطائرات ، والموت فيها ، بحسام يا طيبه  من  حســام

َقسماً لن يروا هنالك إلا ما رأوه في الشام من  أعـــــوام

انظروا تبصروا فلسطين داستها بغاث الرجال   بالأقــــدام

أهلها شردوا على كل أرض     وأبيدوا بالجوع  أو بالسقــام

غصبوهم أرض الجدود فعاشوا في رمال الصحراء بين الخيـام

انظروا تبصروا العراق وقد أصبح مأوى اللصوص والأصنـام

وبنوه الأحرار في القيد ، والقيد عسير على نفوس  الكـــرام

انظروا تبصروا بنجد ولاة فطموا بالفساد قبل الفطــــــام

دنسوا الخافقين سكراً وعهراً وادعوا أنهم حمى  الإســــلام

انظروا تبصروا بمصر أموراً شاب من هولهن رأس  الغــلام

حكمت بالحديد شنقاً وسجناً ، شاه في العالمين وجه اللئــــام

انظروا تبصروا الشآم وحسبي أن مهدي وحفرتي في  الشــآم

انظروا تبصروا جماهير شعبي تتلوى من جوعها في الظــلام

ألفت كوخها الحقير ، وفي الشام قصور من مرمر ورخـــام

انظروا تبصروا بحوران قوماً ظمئوا فارتووا بمضغ الرغــام

طلبوا الماء – لم يريدوا سواه – فنصحناهم بشرب  المـــدام

كيف يرجو الينبوع شعب بريء دمه الطهر في يدي حجـــام ؟

انظروا تبصروا جماهير شعبي بين أيدي الأوجاع و الأسقــام

حرموا رحمة الطبيب فراحوا يطلبون الشفاء  بالأوهـــــام

التجار العظام أضحوا أطباء فويلي على التجار العظـــــام

صنعة أحدثت ، بضَاعتها الموت بسل أو قرحة أو جــــذام

انظروا تبصروا ألوف الصبايا  باعت العرض وانثنت بالحطـام

عاش نخّاسها سعيداً وعاشت تقضم العار بعد قضم  العظـــام

انظروا تبصروا اليتامى عبيداً يأكلون الهوان  مثل  الطعـــام

سرقوا قوتهم ، فقيل لصوص ، فاشتروا سبحة بمال  حـــرام

انظروا تبصروا جماهير شعبي ، تتسلى بالسحر و الأحـــلام

سبقتنا الشعوب دهراً   ونرجو بالتعاويذ  وقفة   الأيـــــام

*          *          *

الضحايا ملء الدروب من الناس فخلوا أضاحي  الأغنــــام

*           *           *

اللجام اللعين يكسر شـــدقي     والمنايا  وراء كسر  اللجام

*              *          *

–  1955-

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *